تبدأ قصة رحلة فقدان الوزن عن طريق العمليات الجراحية بداية سعيدة ومتفائلة للغاية، إذ تعد عمليات السمنة مثل عملية تكميم المعدة أو تحويل المسار خيارات علاجية مثالية لأولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة، ولكن يوجد أمر يغفل عنه الكثيرون، ألا وهو الاكتئاب بعد عمليات السمنة، فما هي علاقة بينهما؟ ولماذا يتسلل الاكتئاب إلى نفوس المرضى رغم أنهم مُقبلين على حياة أكثر صحية؟
تابع قراءة هذا المقال لتتعرف أكثر على الاكتئاب بعد عمليات السمنة، وما هي أسبابه، وإلى أي درجة تبلغ خطورته، وكيف يمكن تقديم الدعم النفسي للمصابين به؟
ما هي اعراض الاكتئاب النفسي بعد عملية السمنه؟
من الضروري مناقشة الطبيب في احتمالية الإصابة بالاكتئاب، والتعرف على أعراضه وعلاماته المحتملة بعد الخضوع لجراحات السمنة المختلفة، وذلك لوضع خطة للتعامل معها فور ظهورها، ومن أبرز هذه الأعراض ما يلي:
- الشعور بالصداع.
- صعوبات في النوم.
- تغيرات في الشهية.
- الشعور بالإرهاق.
- إيجاد صعوبة في التركيز.
- الشعور بالذنب وفقدان القيمة.
- نوبات من الحزن.
- الشعور بالألم.
وعلى الرغم من أن سوء التغذية والجفاف من المضاعفات الشائعة والمعروفة بعد جراحات السمنة، إلا أن الاكتئاب قد يكون خطيرًا بنفس القدر، وقد لا ينتبه لأعراضه الكثير من المرضى، وتتمثل خطورته في تأثيره على العلاقات الاجتماعية والأسرية، أو مستوى النشاط في العمل، بل وقد يؤدي الاكتئاب إلى مضاعفات جسدية نحن في غنى عنها، ولذلك نشدد على ضرورة التواصل مع طبيب متخصص فور ظهور أعراض اكتئابية، وفقدان الرغبة في الاستمرار للمساعدة في تخطي الأزمة النفسية.
أسباب الاكتئاب بعد عمليات السمنة
على الرغم من انخفاض الوعي بالاكتئاب كعرض شائع بعد عمليات السمنة، إلا أنه يظل احتمالًا قويًا، فما هي أسبابه؟
1. التغييرات الغذائية بعد الجراحة
قد يحدث الاكتئاب بسبب النظام الغذائي والتغيرات الهرمونية بعد جراحات السمنة، إذ يؤثر النظام الغذائي تأثيرًا مباشرًا على مستويات السيروتونين في الجسم، مما يسبب التقلبات المزاجية والاكتئاب.
2. لا يمكن استخدام الطعام كوسيلة لمجابهة الحزن
يستخدم كثير ممن يعانون من السمنة المفرطة الطعام كوسيلة لمجابهة نوبات الحزن والشعور بالسعادة، فالبنسبة لهم الطعام هو الشيء الوحيد المتاح دائمًا للتغلب على التوتر، وتسمى هذه الحالة بالأكل العاطفي.
وفي بعض الأحيان الأخرى، تعد زيارة المطاعم وتجربة أكلات جديدة سببًا قويًا للخروج مع الأصدقاء، مما يفسر صعوبات فقدان الوزن بالطرق التقليدية بالنسبة لهم.
3. الحياة ليست سهلة بعد الجراحة
يتوقع كثير ممن يخضعون لعملية السمنة أن الحياة ستكون أسهل تلقائيًا بعد الجراحة، وهو ما يختلف عن الواقع، فبعد الخضوع لإحدى جراحات السمنة، لا يزال يتعين عليك القيام ببعض المجهود لتغيير العادات الصحية الخاطئة، والتكيف مع الأكل الصحي، وممارسة التمارين الرياضية للوصول في النهاية إلى النتائج المرجوة من الجراحة.
وبالطبع، تعد جراحات السمنة وسيلة فعالة لتحسين جودة الحياة والمساعدة على فقدان الوزن بصورة أسرع مما كانت عليه قبل الجراحة، إلا أنه لا يزال عليك العمل واتباع تعليمات الطبيب لتحقيق ما تتمناه، إضافة إلى مرورك بفترة نقاهة يتعافى فيها جسدك ويحاول التكيف على الطريقة الجديدة في معالجة الجهاز الهضمي للطعام.
4. قد لا يفقد المريض الوزن بالصورة التي توقعها
يتوقع كثير من الناس أن ينخفض الوزن سريعًا بعد خضوعهم للجراحة، وهو ما لا يحدث في الواقع، وقد يختلف معدل النزول في الوزن من فرد إلى آخر، فاستجابة الجسم ليست موحدة عند الجميع، لكن بصفة عامة، قد يستمر فقدان الوزن ما بين 6 أشهر إلى 12 شهر بعد الجراحة.
ومن المحتمل أن يسبب المعدل البطيء في فقدان الوزن الإحباط، وتزعزع الثقة في النفس، وخصوصًا بعد ملاحظة المزيد من التباطؤ بعد مرور حوالي 6 أشهر، مما يدفع البعض للعودة إلى عادات الأكل السيئة، والدخول في دوامة من الاكتئاب بعد عمليات السمنة.
5. قد يقل استمتاع المريض بالمناسبات الاجتماعية
بعد الخضوع لجراحة السمنة، قد يكون من المستحيل تناول نفس كميات الطعام التي كنت تتناولها من قبل، لأن المعدة لم تعد قادرة على استيعاب نفس كميات كبيرة من الطعام، كما أنه لا ينصح كذلك بتناول الطعام وشرب السوائل في نفس الوقت، بل تشير النصائح إلى الشرب قبل أو بعد 30 دقيقة من وجبة الطعام.
وما سبق يعني أنك قد تكون مقيدًا بشأن ما تأكله وتشربه، والمعروف أن العديد من المناسبات الاجتماعية يقوم جزء رئيسي منها على تشارك الطعام، وهو ما قد يشعرك بنبذ اجتماعي قد يؤدي فيما بعد إلى إصابتك بالاكتئاب بعد عملية السمنه.
الدعم النفسي بعد عمليات جراحة السمنة
الخطوة الأولى في تقديم الدعم لمن يعانون من الاكتئاب بعد جراحة السمنة هي إدراك أنهم بالفعل يعانون منه، فبداية العلاج تبدأ من إدراك المشكلة.
وبصفة عامة، غالبًا ما ينتشر الاكتئاب بين المرضى بعد عمليات السمنة في فترة تتراوح بين 6 أشهر إلى 12 شهر، وفي خلال تلك الفترة على الوجه الخصوص قد تكون زيارة الأخصائي النفسي خطوة جيدة لمساعدة المريض على التعامل مع المشاعر السلبية، ويمكن الانضمام إلى مجموعة دعم نفسي من الأشخاص الذين خضعوا لنفس الجراحة.
وإضافة إلى ما سبق، يعد تشجيع المريض على ممارسة الأنشطة المختلفة خلال فترة التعافي كالرياضة مثلًا خيارًا جيداً لإلهائه عن أية أفكار سلبية قد تتسلل إلى عقله وتسيطر عليه.
الوقاية من الاكتئاب بعد عمليات السمنة
فيما يلي بعض النصائح للمساعدة في الوقاية من الاكتئاب بعد عمليات السمنة:
- تعلم بعض الطرق الصحية للتعامل مع التوتر كممارسة هواية، والتعرف إلى أصدقاء جدد، أو ممارسة اليوجا، وسيكون جيدًا إذا بدأت في هذا الأمر قبل الخضوع للجراحة.
- لا تتعامل مع تناول الطعام كحدث رئيسي في يومك، بل فكر فيه كوقود لممارسة أنشطتك اليومية، وبدلًا من الخروج مع أصدقائك لتناول الطعام، يمكنك الخروج معهم لممارسة نشاط ما كالرياضة على سبيل المثال.
- احرص على ممارسة الرياضة بانتظام، فقد أثبتت الأبحاث أن التمرينات الرياضية قد تعمل عمل مضادات الاكتئاب.
- اختر الوقت المناسب للجراحة، فإذا كنت تعاني من الاكتئاب الشديد بالفعل يمكنك الانتظار بعض الوقت حتى تنتهي فترة علاجه.
- يمكنك زيارة طبيب نفسي في الأشهر الأولى بعد الجراحة، حتى لو لم تكن مكتئبًا، سيساعدك الطبيب على فهم مشاعرك والتعامل معها مبكرًا.
في النهاية، لا يصاب معظم المرضى بالاكتئاب بعد عمليات السمنة، لكنه احتمال قائم، لذا من الضروري أن يتلقى المريض تثقيفًا حول اكتئاب ما بعد الجراحة، ليكون قادرًا على إدراك الأعراض باكرًا والتعامل معه في حالة حدوثه.